Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

الرأي والآخر

انتشار جرائم العنف الجنسي ضد المرأة

القاهرة : جريدة الأمل المغربية / الدكتور عادل عامر

إن العنف الجنسي حقيقة يعيشها ملايين الناس في العالم ولاسيما النساء وتشير البحوث إلى أن النساء يمثلن غالبية ضحايا العنف الجنسي، وأن الرجال يمثلون غالبية الجناة، وأن أكثر الضحايا يعرفون المعتدين عليهم. وبينما يوجد إدراك عام بتفشي العنف الجنسي ضد النساء في جميع البلدان وعلى جميع مستويات المجتمع، على الرغم من إقرار وتأكيد الأديان والمذاهب الإنسانية على الرحمة والرأفة والرفق بين بني الإنسان, وعلى الرغم من حجم الأضرار التي تكبدتها وتتكبدها الإنسانية جرّاء اعتماد العنف أداة للتخاطب, وعلى الرغم من أن أي انجاز بشري يتوقف على ركائز الاستقرار والألفة والسلام.. إلا أن الإنسانية مازالت تدفع ضريبة باهظة من أمنها واستقرارها جرّاء اعتمادها العنف وسيلة للحياة والتخاطب.

إن رواسب المنهاج الهمجي والعدواني مازالت عالقة في أذهان وسلوكيات البعض في التعامل والحياة معتمدين أرضية منهج العنف المضاد للآخر, فهي مشكلة قديمة جديدة لا تلبث أن تستقر في ساحتنا الإنسانية كل حين لتصادر أمننا الإنساني وتقدمنا البشري من خلال ممارسة السيطرة والعنف القسري ضد الأضعف. ويعرّف العنف بأنه / سلوك أو فعل إنساني يتسم بالقوة والإكراه والعدوانية, صادر عن طرف قد يكون فردا أو جماعة أو دولة, وموجّه ضد الآخر بهدف إخضاعه واستغلاله في إطار علاقة قوة غير متكافئة مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة أخرى.

وفيما يتعلق بدراستنا هذه التي تسلط الضوء على مشكلة العنف ضد المرأة , فأن العنف ضد المرأة يعرّف بأنه /  سلوك أو فعل موجّه إلى المرأة يقوم على القوة والشدّة والإكراه, ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والقهر والعدوانية, ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة في المجتمع والأسرة على السواء, والذي يتخذ أشكالا نفسية وجسدية ومتنوعة في الإضرار.

 فإن الإحصاءات الموثوق بها المتعلقة بانتشار العنف الجنسي في العالم مازالت محدودة. هناك نقص في التبليغ عن العنف الجنسي ضد النساء لا يمكن تحديد مقداره، ومن غير المحتمل أو المتوقع أن تعطي الإحصاءات المنشورة صورة دقيقة عن الحجم الحقيقي لهذه المشكلة حيث أن أسباب عدم التبليغ معقدة ومتداخلة وذات أوجه عديدة ولكنها تتضمن إجمالاً: خوف النساء غير المبرر من العقاب داخل الأسرة ومن الوصمة الاجتماعية، وفقدان الثقة في المحققين والشرطة والأطباء.

من الصعب أيضاً تحديد معدلات الحدوث الحقيقية أو حتى تقديرات انتشار الانتهاك الجنسي للأطفال، ويعود هذا أساساً إلى نقص التبليغ، فمن النادر التبليغ عن الانتهاك الجنسي للأطفال في وقت حدوثه، ولا يتم التبليغ مطلقاً في كثير من الحالات. إن العنف بما في ذلك العنف الجنسي هو مشكلة صحة عمومية ويجب أن يقيم من هذا المنظور، وعلى الرغم من غياب المعرفة بعدد الحالات التي لا يبلغ عنها، والحاجة لبرامج تمكن الطفل والمرأة من الإفصاح والتبليغ عن عنف جنسي محتمل تعرضوا له، الإ أن المقياس المعياري هو العدد الذي يصل لمقدمي الخدمات لكل مائة الف من السكان لكل سنة وهذا الرقم للعنف الجنسي الواقع على الأطفال الذين أعمارهم أقل من 18 عاما، في الأردن لم يتجاوز 2.9 لكل مائة الف في السنة على مدى السنوات العشرة الماضية وهذه النسبة منخفضة جدا بمقارنتها على سبيل المثال مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي هي بمعدل 35 لكل مائة الف في السنة والمانيا وهي 12 لكل مائة الف في السنة.

أما نسبة إنتشار العنف الجنسي في الأردن للإناث اللواتي تجاوزن عمر 18 سنة فهي 0.8 لكل مائة الف في السنة حيث تعتبر من أكثر الدول أنخفاضا وإن نمط تعرض المرأة لعنف جنسي في الأردن في مكان عام من قبل شخص غريب عليها هي نسبة تقارب الصفر ولم تسجل إلا بضعة حالات على مدى عدة سنوات.

 تكاليف العنف ضد المرأة باهظة للغاية. وهي تشمل التكاليف المباشرة لخدمات علاج ضحايا الاعتداء ‏من النساء وأطفالهن ودعمهم وتقديم مرتكبيها للعدالة. أما التكاليف غير المباشرة فتشمل فقدان العمل ‏والإنتاجية، والتكاليف المتكبدة من حيث الآلام والمعاناة الإنسانية.‏   وتتجاوز تكلفة عنف العشير في الولايات المتحدة وحدها 5.8 مليار دولار أمريكي في العام: منها 4.1 ‏مليار دولار للخدمات الطبية وخدمات الرعاية الصحية المباشرة، أما الخسائر في الإنتاجية فتمثل ما ‏يناهز 1.8 مليار دولار أمريكي.‏ 

  وفي كندا، قدرت دراسة أجريت في عام 1995 التكاليف المباشرة السنوية للعنف ضد المرأة بمبلغ 684 ‏مليون دولار كندي يتكبدها جهاز العدالة الجنائية، ومبلغ 187 مليون دولار كندي تتكبدها الشرطة، و ‏‏294 مليون دولار كندي لتكلفة الإرشاد والتدريب، بما يزيد مجموعه عن مليار دولار كندي في العام. ‏وقدرت دراسة أجريت في المملكة المتحدة في عام 2004 مجموع التكاليف المباشرة وغير المباشرة ‏للعنف المنزلي، بما فيه الألم والمعاناة، بمبلغ 23 مليار جنيه إسترليني في العام، أو 440 جنيهاً للشخص ‏الواحد.‏ ويتمثل أحد الآثار المترتبة على الاعتداء الجنسي في الإصابة بناسور الولادة: وهو إصابة ناتجة عن ‏التمزق الحاد في أنسجة المهبل، مما يجعل المرأة عاجزة عن التحكم في تبولها ومنبوذة اجتماعياً. وقد ‏جاءت معظم التقارير عن إصابات الناسور من جمهورية الكونغو الديمقراطية. والمعتقد أن عشرات ‏الآلاف من النساء يعانين من العنف الجنسي في الكونغو الشرقية منذ بدء الصراع المسلح.

 ‏    وهناك ارتباط بين شيوع العنف وشيوع فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب ‏‏(الإيدز). فعجز المرأة عن التفاوض لتحقيق الأمان في العلاقات الجنسية وعجزها عن رفض الجنس ‏الذي لا تريده مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بارتفاع معدل انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص ‏المناعة المكتسب (الإيدز). وينتج عن الجنس غير المرغوب فيه ارتفاع في خطورة التسلخات والنزيف ‏وسهولة نقل الفيروس. ويزيد احتمال الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة ‏المكتسب (الإيدز) بنسبة 48 في المائة بين صفوف النساء اللائي يتعرضن للضرب على أيدي ‏عشرائهن.‏ إن جرائم العنف الجنسي بحق المرأة في أثناء التظاهرات والفعاليات السياسيّة بمختلف أرجاء الجمهورية، ومنها: 371 كشف حمل قسريّ على الفتيات والنساء المعتقلات، و63 جريمة اغتصاب، و1147 واقعة تحرّش. وقد شهد ميدان التحرير 623 واقعة.لان تلك الجرائم "ترتكب بشكل منهجيّ، خصوصاً مع حالة السعار الجنسي لدى رجال الجيش والشرطة في مواجهة النساء والفتيات المعارضات، ويقين هذه القوات أن هؤلاء النساء والفتيات أو أسرهنّ لن يستطعن الحديث عما حصل في داخل مقار الاحتجاز المختلفة. وإن فعلن فإن أجهزة الدولة كفيلة بأن تمنع أي محاكمة أو تحقيقات جدية في ضوء الحالة المستمرة من الإفلات من العقاب".إنالدولة المصريّة مسؤولية انتشار جرائم العنف الجنسي ضد المرأة، في ظل القصور التشريعي لمكافحة تلك الجرائم وعدم اتخاذ السلطات الأمنية ما يلزم من تدابير وإجراءات للحدّ من تلك الجرائم. العنف الجنسي هو مصطلح يشمل مدى كبير من الجرائم والأنشطة والسلوكيات ذات المفاهيم المتقاطعة أحيانا والمترادفة أحيانا أخرى، ويتضمن الاعتداءات الجنسية من مثل الاغتصاب وهتك العرض والتحرش وكذلك الإساءة الجنسية للأطفال والاستغلال الجنسي التجاري، وتهريب الأشخاص بهدف الجنس. وعرفت منظمة الصحة العالية العنف الجنسي بأنه "أي فعل جنسي أو محاولة للحصول على فعل جنسي، بالإكراه أو بالتهديد أو القوة الجسدية، أو بالاحتيال من قبل أي شخص مهما كانت علاقته بالضحية، وفي أي مكان، بما في ذلك المنزل ومكان العمل". يمكن أن يغطي الإكراه طيفًا واسعًا من درجات القوة فقد يشمل القوة الجسدية المباشرة والتخويف والإرهاب النفسي والابتزاز بالتهديد من مثل الإيذاء الجسدي والطرد من العمل، وقد يحدث عندما يكون المعتدي عليه غير قادر على إعطاء الموافقة كأن يكون ثملا أو تحت التخدير أو نائما أو غير قادر على أدراك أو فهم ما يحيط به كالأطفال والمرضي النفسيين وذوا الإعاقات العقلية. يمكن أن يأخذ العنف الجنسي أشكالاً كثيرة ويحدث في أحوال مختلفة فقد يحدث الانتهاك من قبل فرد أو عدة أفراد، وقد يتم التخطيط المسبق لهذا الحدث أو يحدث الهجوم فجأة وبدون تخطيط. بالرغم من أن العنف الجنسي يقع كثيراً من الأحيان في بيت الضحية، أو في بيت الجاني، إلا أنه قد يحدث أيضاً في أماكن أخرى مثل أماكن العمل، والمدارس، والسجون، والسيارات، والشوارع، والأماكن المفتوحة مثل الحدائق أو المزارع. قد يكون مرتكب العنف الجنسي على معرفة شخصية بالضحية، أو عضو من أعضاء أسرتها، وقد يكون من الغرباء من غير المعروفين للضحية، ولكن الأكثر شيوعاً أن يكون شخصاً معروفاً للضحية. وخلال السنوات الأخيرة، تصاعد بشكل كبير عدد الاعتداءات الجنسية في أماكن عامة لا سيما تلك التي تحدث خلال المظاهرات في محيط ميدان التحرير بالقاهرة. وتكرر وقوع اعتداءات جنسية وحالات اغتصاب تتعرض الضحايا فيها للمس المناطق الحساسة من أجسادهن وتجريدهن من ملابسهن بالكامل وسحلهن في الشوارع أو ضربهن بالعصي أو طعنهن بالسكاكين أو ضربهم بالأحزمة على أيدي جماعات غوغائية عنيفة. ولم تقم السلطات بالعناية الواجبة للحيلولة دون وقوع تلك اعتداءات أو توفير الحماية للنساء من التعرض للعنف. ولا زالت التشريعات المصرية التي تجرّم الاغتصاب وغير ذلك من أشكال الاعتداء الجنسي قاصرة عن تلبية المعايير الدولية المرعية في مجال حقوق الإنسان. وفي الوقت الذي أصدرت فيه المحاكم أحكاما بسجن عدد قليل من الرجال على خلفية الاعتداءات في ميدان التحرير، فلا زالت الكثيرات من الضحايا بانتظار تحقيق العدالة.

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام

 

ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية 

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

العنصرية... حتى في الأسماء!

جريدة الأمل : عارف الصادق

العنصريّة في دولة إسرائيل، "الصهيونيّة الديمقراطيّة"، تجد مظاهرها في كلّ مكان، وفي كلّ زمان. قارنوا، حتّى في المحاكم؛ أرقى وأنقى المؤسّسات في إسرائيل، بين العقوبات التي يتلقّاها العرب والعقوبات التي يتلقّاها اليهود، جزاء الذنب نفسه. لا أرغب في نماذج أخرى كثيرة، وفي جميع المجالات. كثيرون قبلي قاموا بالمقارنة المذكورة، وفي أكثر من مجال، فكانت النتائج باهرة !!

أريد فقط الوقوف على كيفيّة لفظ الأسماء العربيّة والأسماء الأجنبيّة، في وسائل  الاتّصال. في التلفزيون مثلا.  في برنامج " لندن وكرشنباوم " في القناة العاشرة، يوم الإثنين، 3 /2 / 2015، كان جدل حام حول طريقة لفظ اسم رئيس لجنة التحقيق الدوليّة، وليم شاڤس، حتّى بعد إعلانه الاستقالة من منصبه. هل اسمه يلفظ بفتح ما قبل الآخر، أم بكسره. الرجل نفسه أخبر المعلّق أنّ اسمه يلفظ بفتح ما قبل الآخر. لكنّهم أرادوا كسره، لغرض في نفس يعقوب !

هكذا يتعبون حالهم في لفظ الاسم غير العربي دائما، حتّى إذا لم تكن ليعقوب غاية في نفسه أيضا. وهي خلّة يحمدون عليها لو لاقت كلّ الأسماء العناية ذاتها. بما في ذلك الأسماء العربيّة، القريبة منهم لغة ومكانا. لكن هذه يلفظونها كيفما اتفق، وكيفما يريح ألسنتهم وأسماعهم. على الاسم العربي أن ينطبق على أحد الأوزان العبريّة، فإذا شذّ عن ذلك أخضعوه لأحد أوزانهم قسرا، كما أخضعوا الأرض وأسماء المواقع فيها !

ما زلت أذكر، وكيف لي أن أنسى، مقالة في إحدى الصحف، قبل بضع سنوات، عن تعيين الأستاذ سليم جبران قاضيا في المحكمة العليا. كتبوا يومها، اسم الشاعر المرحوم سالم جبران  في الجريدة، بدلا من اسم القاضي جبران ! بل نشروا  صورة للشاعر سالم جبران أيضا. في تياسة لافتة جعلوا من الشاعر قاضيا في المحكمة العليا !

تقولون إنّه خطأ، وجلّ من لا يسهو؟ لكنّه خطأ يكشف بوضوح خفايا الصدور: لماذا التفتيش عن الاسم الدقيق. كلّهم عرب، والعرب يحملون اسما لا يهمّ كيف يلفظ أيضا. الأسماء العربيّة متشابهة كلّها.

 حتّى الوجوه كثيرا ما تختلط عليهم. ينادونك باسم غير اسمك، فإذا أوقفتهم على خطئهم قالوا إنّك تشبه ذاك الشخص تماما، فاختط عليهم الأمر. لا تحاول تقويم خطئهم، فتزعم أن لا شبه بينكما في الوجه، ولا في غيره. فهل للعرب وجوه مختلفة، وكلّهم عرڤيم ؟ للعربي صورة واحدة في أذهانهم، فلا تفسدوا عليهم الصورة المقولبة. رجاء ! 

كثيرون من الشباب العرب يلعبون، كما هو معروف، في فرق كرة قدم يهوديّة . لكن لماذا يتعبون فكرهم ولسانهم ليلفظوا أسماءهم كما يجب؟ فلاح > فالح، أرملي > أرميلي، عابد > عبد، بدير > بادِير... كلّه واحد. ما الفرق؟ أمّا إذا كان اللاعب أجنبيّا، في كرة السلّة منهم كثيرون، فلا بدّ من لفظ اسمه كما يجب. عندها يمكن العودة إلى المراجع، أو إلى العارفين والمختصّين. الخطأ عيب هنا. لا بدّ من لفظ الاسم  وكتابته أيضا بالشكل الصحيح.

المسألة تبدو هامشيّة طبعا. لكنّ حبّة تراب صغيرة تشي بنوع التربة وخواصّها. ولفظ اسم الآخر يشي بكلّ خفايا الصدور !

 

قائمة تفتش عن لغة

جريدة الأمل المغربية / جواد بولس

 

لم يعد التعاطي مع قضية إقامة القائمة العربية المشتركة ذا فائدة ومعنى، فالقائمة تشكّلت وقُدّمت أوراقها إلى لجنة الانتخابات الإسرائيلية، وأصبحت، لذلك، حقيقةً مؤكدةً وواقعًا.بالمقابل، يبقى ما يستدرجه هذا الواقع من نقاشات حول مستقبل هذه القائمة، كما سيتشكّل في هذه الأسابيع، هاجسًا يشغل بال كثيرين وقضيّةً يعتبرها البعض مصيريّة بمستوييها، الشخصي، عند قلّة من الناس، والعام، لدى معظم المهتمين والمتابعين.لن يختلف اثنان على أن وحدة المضطهدين في وجه قامعهم هي غاية الرجاء، وآمن السبل للنجاة والعيش بسلام وبكرامة، وعليه سيكون من نافل القول، التأكيد على أن النقاش مع دعاة توحيد الأحزاب والحركات السياسية العربية والإسلامية، لم يستهدف تلك الوحدة بذاتها، وهي ضرورة كفاحية مرجوّة منذ زمن، بل جاء لينقّيها من زيف دواعيها الطارئة، وما مسّ مسبباتها من حشو ووهم، واعترى أساساتها من وهن، يجب على قادة القائمة معالجتها.  يصرّ البعض على أن تشكيل القائمة المشتركة هو خطوة تاريخية في حياة الجماهير العربية في إسرائيل، وهو بمثابة مقدّمة لثورة ستتمظهر قريبًا، من خلال برامج عمل نضالية جامعة فعّالة، وبوحدة لن تبقى عراها موثوقة بصمغ الحاجة الانتخابية الزائلة، وبما يضمن تحويل الومضة الطارئة، في تاريخ أقليّة مضطهدة، إلى شعلة وقّادة لا تخبو نارها مع هبوب أول نسيم ربيعي، وها آذارنا يهلّل لشباط ويترقب نومته.  من شروط هذا التحوّل أن تتوقف القائمة عن كونها مرآة لقواعدها البشرية المتنوعة، وأن تتصرف كقائدة لهذه الجماهير وبما يتلاءم وكونها أداة صهر جديدة، ستعمل بأساليب مبتكرة، وعليها، في هذه المهمة، أن تبدأ بتفكيك ما ساد في مجتمعاتنا من أنماط عمل حزبية، وقواعد سلوك هيمنت في مرابع الشقاق والنفاق، بعد أن استولت على وجدان أولئك القادة وسرقتهم من مياديننا، لأحايين طويلة، وأشغلتهم بما لم يفد هذه الجماهير ومصالحها.وعليه، وكما في تجارب أقلّيات قومية أخرى، لن تتحرّر القيادة الموحّدة لهذه القائمة المشتركة من سطوة الماضي وتبايناته القاتلة، ولا من رهبة أتباع كل فريق، كما تربى وتوقّع وانتظر، إلّا إذا تحرر العقل أولًا، وتلاه انعتاق للخطاب واللغة. لن تصير هذه الخطوة ثوريّة، كما يدعوها البعض، إلا اذا اقتنع قادتها بضرورة تبديل "معاجمهم اللفظية" وتقدموا الصفوف بعقول جديدة وقناعة أن الخطب الآتي جلل، والنجاة لن تستقيم إلا اذا توفّرت الحكمة وآختها المسؤولية.صدرت القائمة المشتركة، حتى تاريخ كتابة هذا المقال، عددًا من البيانات، كتب معظمها وفقًا للنمط الذي كان سائدًا قبل الوحدة، وبتلك اللغة التوفيقية التي لا تبشّر بجديد وتنذر بخيبة مَن سعى لأكثر من توصيل بعض محترفي العمل السياسي غير المؤثر، في أحسن أحواله، والمضر في أحيان أخرى، إلى الكنيست الاسرائيلية. من المنتظر أن تشحن هذه الوحدة قيادات تلك الأحزاب وكوادرها بجرعات من جرأة غاب فعلها في العهود السابقة، وشُلّت، بعدما بسط العجز جناحيه وبهما استظل الصدأ الاجتماعي، وتحتهما فشت الفراطيش السامة وغزت بساتيننا وحقولنا. لم يتبقّ وقت طويل ليوم الحساب ولذلك، على هذه القائمة أن لا تخشى ما خشيته مركباتها في الماضي، وأن تتصدى، دون هوادة وحسابات انتخابية فئوية زائفة، لمفاعيل العنف والعربدة والقتل المتسيّبة في شوارعنا وبيوتنا، وعليها كذلك، أن تعيد البريق "للوطني والكفاحي"، بعيدًا عن المزايدات التي بررتها الفرقة وغذّتها المنافسة، والتي تسببت أحيانًا بإسقاط "الرؤوس" واحتضان "الأذناب"، ليس فقط، كما تجلت تلك الهفوات في انتخابات السلطات المحلية.تطرق بيان القائمة المشتركة الأخير إلى موبقات "داعش" خاصة بعدما نشر كيف أعدم عناصرها الطيار الأردني. وهناك أكد طاقم القائمة المشتركة الإعلامي "أن هذه الجرائم الوحشية ليست من الإسلام في شيء، بل أنها تؤدي إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين وتخدم الغرب الاستعماري والحركة الصهيونية ومشاريع الهيمنة على المنطقة وتغذي العنصرية والتحريض على العرب والمسلمين"، هذا جزء من نص تعويمي، يخلط مجموعة من المسائل الشائكة ولا يوصل للمتلقي موقفًا حادًا وواضحًا، ويفترض أن جميع مصوتي القائمة المشتركة جهلة أو وسطيو الفهم أو عباقرة، وعليهم أن يفهموا كيف من الممكن ربط جميع تلك الشبهات تلقائيًا، أو، ربما لا ضرورة لأن يفهموا! إنها التوفيقية التي سادت في الماضي،ويظهر أنها ما زالت تهيمن على فكر ساسة هذه القائمة، وإلّا، فلماذا لم تصدر الحركة الإسلامية بيانها وتتكلم فيه عن براءة الإسلام من "داعش" وما تقترفه من جرائم باسم الإسلام الذي بالمقابل تباركه كثير من القوى والمرجعيات الإسلامية؟ ولماذا لم تصدر الجبهة بيانها لتدين موبقات داعش بمبرراتها السياسية، غير الدينية، المباشرة، ولماذا لا يصدر التجمع بيانه ليشرح كيف تخدم "داعش" مشاريع الهيمنة على المنطقة وعن أي منطقة يتحدثون؟ قد تكون كل المواقف، في البيان المذكور، حين تأتي مفككة، صحيحة ولكن، مجيئها معبّأةً في علبة واحدة يفسد طعمها ويلغي تأثيرها؛ تمامًا كما تكون كل الخيارات المهادنة التوفيقية والمعوّمة، عبارة عن خلطة لاطعم لها ولا رائحة، وقد تصيبك أحيانًا بالدوار. في نفس الوقت الذي نشرت فيه القائمة المشتركة بيانها المذكور، وصلني بيان من "الجمعية الأردنية  لحقوق الإنسان"، وفيه أكدت: "انطلاقًا من مبادئها، رفضها المطلق وإدانتها الشديدة للأساليب البربرية الهمجية التي تنتهجها بعض الجماعات المتدثرة بالدين"، فما الضرر لو اكتفت القائمة المشتركة بمثل هذا النص القاطع الواضح، أو شبيه له، وليصدر بعده  كل حزب وحركة بيانًا تفصيلًا حول "داعش" وأخواتها وخالاتها وعماتها. من أنا؟ سأل الشاعر وقال "أنا لغتي أنا.." ولذا، نحن بحاجة إلى معاجم ألفاظ جديدة،إلى لغة جديدة، وخطابات ناطقة عن وحدة بالعمق وليس عن كونفيديراتسيا أحزاب أسيرة ضعفها، فبدون ذلك ستبقى "داعش" مثار خلاف وجذب وستنمو بيننا عناصره وتزداد أعدادها  في قرانا، وقائمة العرب تفتّش عن لغة.

----------------------------------------------------------

 مرواريد..رمز للحرية والمقاومة والمستقبل

111.jpg

العراق:جريدة الأمل المغربية /  سعاد عزيز

تصور وإعتقد الکثيرون بأن وصف المواجهة القائمة بين النظام الديني الحاکم في إيران و بين المقاومة الايرانية بالمصيرية، هو أمر فيه الکثير من المبالغة و تجاوز او تخطي الحقائق الملموسة على أرض الواقع، وان المواجهة'بنظر هؤلاء' هي مواجهة عادية کأية مواجهة بين نظام سياسي قائم و معارضة مخالفة لها في الاتجاه و التفکير و الممارسة، ولئن کانت هنالك الکثير من الاحداث و التطورات و المستجدات التي تؤکد على ذلك، لکن وعلى الرغم من ذلك ظل هؤلاء ينظرون للأمر من تلك الزاوية.
الحديث عن معسکر أشرف الذي صار فيما بعد أشبه بمدينة قائمة بحالها، هو حديث ذو شجون، لأن المقاومة الايرانية عندما دخلت للعراق رسميا في عام 1986، فقد قامت ببناء و تشييد هذا المعسکر على أرض جرداء قاحلة وجعلت منه واحة نضرة غناء في وسط الرمال و الاشواك و الحر اللافح، وقد أطلق الکثير من الساسة و الاعلاميين و غيرهم تصريحات أعربوا فيها عن إعجابهم الشديد ببناء مدينة کاملة فيها کل المواصفات و تتخلها الاشجار و الحدائق رائعة الجمال، بحيث انهم تيقنوا من أن اولئك الذين بنوا أشرف بإمکانهم أن يبنون إيران متطورة عصرية تلفت الانظار إليها.

معسکر أشرف الذي صار بمثابة منار و قدوة و مثل أعلى للشعب الايراني و صارت جموعا تتسابق لزيارته و تنقل إنطباعاتها و وجهات نظرها عن السکان وهو ماأحرج النظام کثيرا و ودفعه للعمل من أجل مواجهة هذا التهديد الجديد، وقد بدأت إجراءات السلطات الايرانية ازاء ذلك على صعيدين؛ اولهما إصدار تعليمات تمنع أبناء الشعب الايراني من التردد على معسکر أشرف و محاسبة کل فرد و مقاضاته بأقسى العقوبات، أما ثانيهما فهو ذلك المخطط الخاص الذي وضعه ضد المعسکر من أجل القضاء على سکانه و إنهاء دوره بالمرة.

معسکر أشرف کان له أکثر من لقاء و مواجهة مع النظام الايراني، حيث انه وبعد أن إجتاحت القوات الامريکية العراق في عام 2003، بادر النظام الايراني الى إرسال قوات من الجيش و الحرس الثوري ترافقها مئات الحافلات الفارغة على أمل مهاجمة معسکر أشرف و أسر سکانه و إقتيادهم الى طهران، لکن الذي فاجأ و باغت النظام الايراني هو تصدي سکان أشرف لهذه القوات المهاجمة و بدلا من أن تعود الحافلات محملة بسکان أشرف کأسرى فإنها عادت محملة بجثث عناصر الحرس الثوري و الجيش المهاجمين.

إخلاء معسکر أشرف من السکان من خلال الطرق و الاساليب الملتوية و المشبوهة و نقل السکان في مؤامرة و مخطط محبوك من جانب النظام الايراني الى مخيم ليبرتي، يبدو انه لم يشفي غليل النظام، ذلك انه و لتخوفه الدائم من معسکر أشرف و کل مايتعلق و يتربط به، قد أقدم و في خطوة تلفت الانتباه الى مدى الحقد و الکراهية التي تغلي في صدره ضد هذا المعکسر، قام و في إجراء لاإنساني وعن طريق القوات العراقية و الميليشيات المتواجدة في المعسکر بالعبث بمقبرة مرواريد للمتوفين من سکان أشرف، کما هاجمت هذه القوات النصب التذکارية و الرمزية و الجدران وهو إجراء توسم النظام من ورائه طمس کل معالم و آثار معسکر أشرف، ظنا منه بأن ذلك کفيل بقمع و کبت صوت الحرية و إرادة المقاومة، لکن هذا الاجراء اللاإنساني أثار سخط الشعب الايراني و کل الاحرار و المتعاطفين مع قضية الشعب الايراني و نضال المقاومة الايرانية و أعطى مجددا نتائج عکسية تثبت بأن اولئك الذين يرقدون في مقبرة مرواريد بعد أن ضحوا بحياتهم من أجل قضية الشعب الايراني العادلة و مبادئهم لايمکن أبدا طمس آثارهم و إمتداداتهم التي ستستمر حتى يوم النصر المبين في طهران.

---------------------------

مأساتنا ليست رواتب موظفي غزة

-82075857.jpg

غزة : جريدة الأمل المغربية / د. فايز أبو شمالة

إذا شئت أن تحتقر الوطن فلسطين، فعلق مأساتنا على ظهر موظفي غزة، وقل: السبب في تواصل الانقسام هو عدم صرف رواتب موظفي غزة!

وإذا شئت أن تسخف قضية الشعب الفلسطيني السياسية، فعلق الأحزان على أكتاف حكومة الظل في غزة مرة، وعلى خاصرة المعابر المغلقة مرة أخرى، وتهرب من النظر في مأساة الشعب الفلسطيني التي نبتت جذورها في دفيئة القرار السياسي الذي جفت ينابيع شرعيته، فذبلت أغصانه، وأمسى لا يورق مبادرات وطنية، ولا يزهر تسامحاً.

إن مأساة الشعب الفلسطيني التي نز صديدها على صدغ القضية، فأحدث الانقسام، لا تتمحور حول مشكلة عدم صرف رواتب موظفي غزة، وذلك لأن عشرة أشهر على توقيع اتفاقية المصالحة في مخيم الشاطئ، كانت كفيلة بأن تحل هذه المعضلة، فيما لو صدقت النوايا، ولكن عدم عقد اجتماع اللجنة التي يفترض أنها تشكلت لدراسة أوضاع الموظفين، وعدم بت اللجنة في مصير الموظفين، وعدم دراسة ملفاتهم، يكشف المستور، ويفضح مكنون السلوك غير السوي للطرف الغارق في شهوة الانقسام، فإذا أضيف لما سبق العدد الجديد من موظفي غزة الذين قطعت رواتبهم بسبب الانقسام داخل حركة فتح نفسها، صار الاستنتاج الوحيد لهذه المعادلة يقوم على منهج التبعية، ومنح الراتب ومنعه وفق الولاء السياسي والانقياد الفكري.

أما لو كانت مأساة الشعب الفلسطينية تنحصر في إدارة المعابر، فإن عدم ممارسة حكومة التوافق لدورها الوظيفي في غزة طوال عشرة أشهر، يؤكد على نيتها المبيتة في عدم تحمل المسئولية، وقد كان بإمكانها إحداث تنقلات وظيفية، تسمح لأنصارها بتسلم المعابر بالتدريج، وكان بإمكان الحكومة نقل مدير هيئة المعابر ماهر أبو صبحة إلى وزارة التربية والتعليم بناء على قرار الوزير، ولكنها إرادة الانقسام التي حالت دون أن تمارس الحكومة بعضاً من صلاحيتها، كي تعطي للسيد محمود عباس كامل الصلاحية للتفرد بالقرار، التوجه إلى مجلس الأمن، والانتظار على رصيف المفاوضات حتى ظهور نتائج الانتخابات الإسرائيلية.

فكروا في انتزاع القرار السياسي بالعصا إن لم يكن الكلمة الطيبة

مأساة الشعب الفلسطيني تتمثل في احتجاز القرار السياسي في المكتب الخاص للسيد محمود عباس، وهذا الرجل يخجل من سيرة غزة، ويبصق من فمه إذا ورد ذكر أهلها على لسانه، لذلك فإن كل ما يقال عن رواتب الموظفين، وعن إعاقة الاعمار وعن المعابر والحصار ما هو إلا مظاهر سلوكية لمنهاج سياسي يصر على فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، لذلك فإن أهم عوامل النهوض بالوطن فلسطين، وأهم الخطوات لحل مشاكله، وتطوير قدراته، وتوحيد صفوفه، ومواجهة أعدائه، تتمثل في انتزاع القرار السياسي، وما عدا ذلك، ستظل كل التنظيمات الفلسطينية تلهث خلف إنهاء الانقسام بين حركة فتح وحركة فتح، وبين حركة فتح وباقي التظيمات الفلسطيية، وبين حركة فتح وحماس، وبين مكونات حركة فتح ومحمود عباس.

أما عوامل إطالة زمن مأساة الشعب الفلسطيني فإنها تتمثل في حالة التردد التي غزت بعض التنظيمات، فصارت تعيد حساباتها كلما وصل الأمر إلى الحسم، وضرورة الوقوف صفاً لانتزاع القرار السياسي المصادر، وهذا ما نتمناه على كل القوى السياسية في ساحتنا الفلسطينية، التي ننتظر منها أن تعيد للشعب قراره، فإن لم يكن بالكلمة الطيبة، فليكن عن طريق العصا الغليظة، ليتحرر الناس من عبودية الراتب، ومن التبعية، وهم يرفعون معاً راية الوطن خفاقة  أعلى من راية حركة حماس، وأزهى من راية حركة فتح، وأعرض من راية الجهاد الإسلامي، وأوسع مدى من راية الجبهة الشعبية والديمقراطية.

ملاحظة: لقد وافقت قيادتنا السياسية على المشاركة في مفاوضات مدريد، ومن بعدها مفاوضات أوسلو، رغم الرفض الإسرائيلي لانضمام السيد فيصل الحسيني وحنان عشراوي للوفد المفاوض، وسبب الرفض الإسرائيلي يرجع إلى كون الاثنين من سكان مدينة القدس.

حين ترفض إسرائيل مشاركة شخصيتين فلسطينيتين من القدس في الوفد الفلسطيني المفاوض، ويكون لها ذلك، فإنها بذلك تكون قد حسم مسألة يهودية القدس قبل أن تبدأ المفاوضات.

 

----------------------------------------------

انتشار جرائم العنف الجنسي ضد المرأة

الدكتور-عادل-عامر.jpg

القاهرة : جريدة الأمل المغربية / الدكتور عادل عامر

إن العنف الجنسي حقيقة يعيشها ملايين الناس في العالم ولاسيما النساء وتشير البحوث إلى أن النساء يمثلن غالبية ضحايا العنف الجنسي، وأن الرجال يمثلون غالبية الجناة، وأن أكثر الضحايا يعرفون المعتدين عليهم. وبينما يوجد إدراك عام بتفشي العنف الجنسي ضد النساء في جميع البلدان وعلى جميع مستويات المجتمع، على الرغم من إقرار وتأكيد الأديان والمذاهب الإنسانية على الرحمة والرأفة والرفق بين بني الإنسان, وعلى الرغم من حجم الأضرار التي تكبدتها وتتكبدها الإنسانية جرّاء اعتماد العنف أداة للتخاطب, وعلى الرغم من أن أي انجاز بشري يتوقف على ركائز الاستقرار والألفة والسلام.. إلا أن الإنسانية مازالت تدفع ضريبة باهظة من أمنها واستقرارها جرّاء اعتمادها العنف وسيلة للحياة والتخاطب.

إن رواسب المنهاج الهمجي والعدواني مازالت عالقة في أذهان وسلوكيات البعض في التعامل والحياة معتمدين أرضية منهج العنف المضاد للآخر, فهي مشكلة قديمة جديدة لا تلبث أن تستقر في ساحتنا الإنسانية كل حين لتصادر أمننا الإنساني وتقدمنا البشري من خلال ممارسة السيطرة والعنف القسري ضد الأضعف. ويعرّف العنف بأنه / سلوك أو فعل إنساني يتسم بالقوة والإكراه والعدوانية, صادر عن طرف قد يكون فردا أو جماعة أو دولة, وموجّه ضد الآخر بهدف إخضاعه واستغلاله في إطار علاقة قوة غير متكافئة مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة أخرى.

وفيما يتعلق بدراستنا هذه التي تسلط الضوء على مشكلة العنف ضد المرأة , فأن العنف ضد المرأة يعرّف بأنه /  سلوك أو فعل موجّه إلى المرأة يقوم على القوة والشدّة والإكراه, ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والقهر والعدوانية, ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة في المجتمع والأسرة على السواء, والذي يتخذ أشكالا نفسية وجسدية ومتنوعة في الإضرار.

 فإن الإحصاءات الموثوق بها المتعلقة بانتشار العنف الجنسي في العالم مازالت محدودة. هناك نقص في التبليغ عن العنف الجنسي ضد النساء لا يمكن تحديد مقداره، ومن غير المحتمل أو المتوقع أن تعطي الإحصاءات المنشورة صورة دقيقة عن الحجم الحقيقي لهذه المشكلة حيث أن أسباب عدم التبليغ معقدة ومتداخلة وذات أوجه عديدة ولكنها تتضمن إجمالاً: خوف النساء غير المبرر من العقاب داخل الأسرة ومن الوصمة الاجتماعية، وفقدان الثقة في المحققين والشرطة والأطباء.

من الصعب أيضاً تحديد معدلات الحدوث الحقيقية أو حتى تقديرات انتشار الانتهاك الجنسي للأطفال، ويعود هذا أساساً إلى نقص التبليغ، فمن النادر التبليغ عن الانتهاك الجنسي للأطفال في وقت حدوثه، ولا يتم التبليغ مطلقاً في كثير من الحالات. إن العنف بما في ذلك العنف الجنسي هو مشكلة صحة عمومية ويجب أن يقيم من هذا المنظور، وعلى الرغم من غياب المعرفة بعدد الحالات التي لا يبلغ عنها، والحاجة لبرامج تمكن الطفل والمرأة من الإفصاح والتبليغ عن عنف جنسي محتمل تعرضوا له، الإ أن المقياس المعياري هو العدد الذي يصل لمقدمي الخدمات لكل مائة الف من السكان لكل سنة وهذا الرقم للعنف الجنسي الواقع على الأطفال الذين أعمارهم أقل من 18 عاما، في الأردن لم يتجاوز 2.9 لكل مائة الف في السنة على مدى السنوات العشرة الماضية وهذه النسبة منخفضة جدا بمقارنتها على سبيل المثال مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي هي بمعدل 35 لكل مائة الف في السنة والمانيا وهي 12 لكل مائة الف في السنة.

أما نسبة إنتشار العنف الجنسي في الأردن للإناث اللواتي تجاوزن عمر 18 سنة فهي 0.8 لكل مائة الف في السنة حيث تعتبر من أكثر الدول أنخفاضا وإن نمط تعرض المرأة لعنف جنسي في الأردن في مكان عام من قبل شخص غريب عليها هي نسبة تقارب الصفر ولم تسجل إلا بضعة حالات على مدى عدة سنوات.

 تكاليف العنف ضد المرأة باهظة للغاية. وهي تشمل التكاليف المباشرة لخدمات علاج ضحايا الاعتداء ‏من النساء وأطفالهن ودعمهم وتقديم مرتكبيها للعدالة. أما التكاليف غير المباشرة فتشمل فقدان العمل ‏والإنتاجية، والتكاليف المتكبدة من حيث الآلام والمعاناة الإنسانية.‏   وتتجاوز تكلفة عنف العشير في الولايات المتحدة وحدها 5.8 مليار دولار أمريكي في العام: منها 4.1 ‏مليار دولار للخدمات الطبية وخدمات الرعاية الصحية المباشرة، أما الخسائر في الإنتاجية فتمثل ما ‏يناهز 1.8 مليار دولار أمريكي.‏ 

  وفي كندا، قدرت دراسة أجريت في عام 1995 التكاليف المباشرة السنوية للعنف ضد المرأة بمبلغ 684 ‏مليون دولار كندي يتكبدها جهاز العدالة الجنائية، ومبلغ 187 مليون دولار كندي تتكبدها الشرطة، و ‏‏294 مليون دولار كندي لتكلفة الإرشاد والتدريب، بما يزيد مجموعه عن مليار دولار كندي في العام. ‏وقدرت دراسة أجريت في المملكة المتحدة في عام 2004 مجموع التكاليف المباشرة وغير المباشرة ‏للعنف المنزلي، بما فيه الألم والمعاناة، بمبلغ 23 مليار جنيه إسترليني في العام، أو 440 جنيهاً للشخص ‏الواحد.‏ ويتمثل أحد الآثار المترتبة على الاعتداء الجنسي في الإصابة بناسور الولادة: وهو إصابة ناتجة عن ‏التمزق الحاد في أنسجة المهبل، مما يجعل المرأة عاجزة عن التحكم في تبولها ومنبوذة اجتماعياً. وقد ‏جاءت معظم التقارير عن إصابات الناسور من جمهورية الكونغو الديمقراطية. والمعتقد أن عشرات ‏الآلاف من النساء يعانين من العنف الجنسي في الكونغو الشرقية منذ بدء الصراع المسلح.

 ‏    وهناك ارتباط بين شيوع العنف وشيوع فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب ‏‏(الإيدز). فعجز المرأة عن التفاوض لتحقيق الأمان في العلاقات الجنسية وعجزها عن رفض الجنس ‏الذي لا تريده مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بارتفاع معدل انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص ‏المناعة المكتسب (الإيدز). وينتج عن الجنس غير المرغوب فيه ارتفاع في خطورة التسلخات والنزيف ‏وسهولة نقل الفيروس. ويزيد احتمال الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة ‏المكتسب (الإيدز) بنسبة 48 في المائة بين صفوف النساء اللائي يتعرضن للضرب على أيدي ‏عشرائهن.‏ إن جرائم العنف الجنسي بحق المرأة في أثناء التظاهرات والفعاليات السياسيّة بمختلف أرجاء الجمهورية، ومنها: 371 كشف حمل قسريّ على الفتيات والنساء المعتقلات، و63 جريمة اغتصاب، و1147 واقعة تحرّش. وقد شهد ميدان التحرير 623 واقعة.لان تلك الجرائم "ترتكب بشكل منهجيّ، خصوصاً مع حالة السعار الجنسي لدى رجال الجيش والشرطة في مواجهة النساء والفتيات المعارضات، ويقين هذه القوات أن هؤلاء النساء والفتيات أو أسرهنّ لن يستطعن الحديث عما حصل في داخل مقار الاحتجاز المختلفة. وإن فعلن فإن أجهزة الدولة كفيلة بأن تمنع أي محاكمة أو تحقيقات جدية في ضوء الحالة المستمرة من الإفلات من العقاب".إنالدولة المصريّة مسؤولية انتشار جرائم العنف الجنسي ضد المرأة، في ظل القصور التشريعي لمكافحة تلك الجرائم وعدم اتخاذ السلطات الأمنية ما يلزم من تدابير وإجراءات للحدّ من تلك الجرائم. العنف الجنسي هو مصطلح يشمل مدى كبير من الجرائم والأنشطة والسلوكيات ذات المفاهيم المتقاطعة أحيانا والمترادفة أحيانا أخرى، ويتضمن الاعتداءات الجنسية من مثل الاغتصاب وهتك العرض والتحرش وكذلك الإساءة الجنسية للأطفال والاستغلال الجنسي التجاري، وتهريب الأشخاص بهدف الجنس. وعرفت منظمة الصحة العالية العنف الجنسي بأنه "أي فعل جنسي أو محاولة للحصول على فعل جنسي، بالإكراه أو بالتهديد أو القوة الجسدية، أو بالاحتيال من قبل أي شخص مهما كانت علاقته بالضحية، وفي أي مكان، بما في ذلك المنزل ومكان العمل". يمكن أن يغطي الإكراه طيفًا واسعًا من درجات القوة فقد يشمل القوة الجسدية المباشرة والتخويف والإرهاب النفسي والابتزاز بالتهديد من مثل الإيذاء الجسدي والطرد من العمل، وقد يحدث عندما يكون المعتدي عليه غير قادر على إعطاء الموافقة كأن يكون ثملا أو تحت التخدير أو نائما أو غير قادر على أدراك أو فهم ما يحيط به كالأطفال والمرضي النفسيين وذوا الإعاقات العقلية. يمكن أن يأخذ العنف الجنسي أشكالاً كثيرة ويحدث في أحوال مختلفة فقد يحدث الانتهاك من قبل فرد أو عدة أفراد، وقد يتم التخطيط المسبق لهذا الحدث أو يحدث الهجوم فجأة وبدون تخطيط. بالرغم من أن العنف الجنسي يقع كثيراً من الأحيان في بيت الضحية، أو في بيت الجاني، إلا أنه قد يحدث أيضاً في أماكن أخرى مثل أماكن العمل، والمدارس، والسجون، والسيارات، والشوارع، والأماكن المفتوحة مثل الحدائق أو المزارع. قد يكون مرتكب العنف الجنسي على معرفة شخصية بالضحية، أو عضو من أعضاء أسرتها، وقد يكون من الغرباء من غير المعروفين للضحية، ولكن الأكثر شيوعاً أن يكون شخصاً معروفاً للضحية. وخلال السنوات الأخيرة، تصاعد بشكل كبير عدد الاعتداءات الجنسية في أماكن عامة لا سيما تلك التي تحدث خلال المظاهرات في محيط ميدان التحرير بالقاهرة. وتكرر وقوع اعتداءات جنسية وحالات اغتصاب تتعرض الضحايا فيها للمس المناطق الحساسة من أجسادهن وتجريدهن من ملابسهن بالكامل وسحلهن في الشوارع أو ضربهن بالعصي أو طعنهن بالسكاكين أو ضربهم بالأحزمة على أيدي جماعات غوغائية عنيفة. ولم تقم السلطات بالعناية الواجبة للحيلولة دون وقوع تلك اعتداءات أو توفير الحماية للنساء من التعرض للعنف. ولا زالت التشريعات المصرية التي تجرّم الاغتصاب وغير ذلك من أشكال الاعتداء الجنسي قاصرة عن تلبية المعايير الدولية المرعية في مجال حقوق الإنسان. وفي الوقت الذي أصدرت فيه المحاكم أحكاما بسجن عدد قليل من الرجال على خلفية الاعتداءات في ميدان التحرير، فلا زالت الكثيرات من الضحايا بانتظار تحقيق العدالة.

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام

ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية 

 

__________________________________________________________

Écrit par mmounirhk Lien permanent | Commentaires (0)

Les commentaires sont fermés.